كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا مريم 83 أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا كلما فتروا أو ونوا أزعاجتهم الشياطين وأزتهم وأثارتهم فلا تزال بالعبد تقوده إلى الذنب وتنظم شمل الإجتماع بألطف حيلة وأتم مكيدة
قد رضي لنفسه بالقيادة لفجرة بني آدم وهو الذي استكبر وأبى أن يسجد لأبيهم بتلك النخوة والكبر ولا يرضاه أن يصير قوادا لكل من عصى الله كما قال بعضهم
عجبت من إبليس في تيهه ... وقبح ما أظهر من نخوته
تاه على آدم في سجدة ... وصار قوادا لذريته شرور الشيطان
فأصل كل معصية وبلاء إنما هو الوسوسة فلهذا وصفه بها لتكون الإستعاذة من شرها أهم من كل مستعاذ منه وإلا فشره بغير الوسوسة حاصل أيضا
فمن شره أنه لص سارق لأموال الناس فكل طعام أو شراب لم يذكر اسم الله تعالى عليه فله فيه حظ بالسرقة والخطف وكذلك يبيت في البيت إذا لم يذكر فيه اسم الله تعالى فيأكل طعام الإنس بغير إذنهم ويبيت في بيوتهم بغير أمرهم فيدخل سارقا ويخرج مغيرا ويدل على عوراتهم فيأمر العبد بالمعصية ثم يلقي في قلوب الناس يقظة ومناما إنه فعل كذا وكذا ومن هذا أن العبد يفعل الذنب لا يطلع عليه أحد من الناس @

الصفحة 796