كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)

سادسها وهو من النكت السرية البديعة جدا أنه دال على قرب صاحبه من الله وأنه لاقترابه منه وشدة حضوره يسأله مسألة أقرب شيء إليه فيسألة مسألة مناجاة للقريب لا مسألة نداء البعيد للبعيد
ولهذا أثنى سبحانه على عبده زكريا بقوله إذ نادى ربه نداء خفيا فكلما استحضر القلب قرب الله تعالى منه وإنه أقرب إليه من كل قريب وتصور ذلك أخفى دعاءه ما أمكنه ولم يتأت له رفع الصوت به بل يراه غير مستحسن كما أن من خاطب جليسا له يسمع خفي كلامه فبالغ في رفع الصوت استهجن ذلك منه
ولله المثل الأعلى سبحانه وقد أشار النبي هذا المعنى بعينه بقوله في الحديث
الصحيح لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير وهم معه في السفر فقال
اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصما ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته وقال تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان
وقد جاء أن سبب نزولها أن الصحابة قالوا يا رسول الله ربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله عز و جل وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان@

الصفحة 844