كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)
ومحبته فمتى خلا القلب عن هذه الثلاثة فسد فسادا لا يرجى صلاحه أبدا ومتى ضعف فيه شيء من هذه ضغف إيمانه بحسبه اقتران الخيفة والخفية بالذكر والدعاء
فتأمل أسرار القرآن الكريم وحكمته في هذا الاقتران فإنه قال اذكر ربك في نفسك فلم يحتج بعدها أن يقول خفية وقال في الدعاء وادعوه خوفا وطمعا فلم يحتج أن يقول في الأول ادعوا ربكم تضرعا وخيفة فانتظمت كل واحدة من الآيتين للخيفة والخفية والتضرع أحسن انتظام ودلت على ذلك أكمل دلالة وذكر الطمع الذي هو الرجاء في آية الدعاء لأن الدعاء مبني عليه فإن الداعي ما لم يطمع في سؤله ومطلوبه لم تتحرك نفسه لطلبة إذ طلب ما لا طمع فيه ممتنع وذكر الخوف في آية الذكر لشدة حاجة الخائف إليه كما تقدم فذكر في كل آية ما هو اللائق بها والأولى بها من الخوف والطمع فتبارك من أنزل كلامه شفاء لما في الصدور وهدي ورحمة للمؤمنين فصل المقصود بقوله إنه لا يحب المعتدين
وقوله تعالى إنه لا يحب المعتدين قيل المراد أنه لا يحب المعتدين في الدعاء
كالذي يسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء وغير ذلك وقد روى أبو داود في سننه من@