كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

لأنه إذا قال أنت طالق ثلاثا إلا واحدة فقد أوقع الثلاثة ثم رفع منها واحدة وهذا مذهب باطل فإن الكلام مبني على آخره ترتبط أجزاؤه بعضها ببعض كارتباط التوابع من الصفات وغيرها بمتبوعاتها والإستثناء لا يستقل بنفسه فلا يقبل إلا بارتباطه بما قبله فجرى مجرى الصفة والعطف ويلزم أصحاب هذا المذهب أن لا ينفع الإستثناء في الإقرار لأن المقر به لا يرفع ثبوته وفي إجماعهم على صحته دليل على إبطال هذا المذهب
وإنما احتاج الجرجاني إلى ذكر الفرق بين أن يقف أو يصل لأنه إذا وقف عتق العبد ولم ينفعه الإستثناء وإذا وصل لم يعتق فدل على أن الفرق بين وقوع العتق وعدمه هو السكوت والوصل هو المؤثر في الحكم لا تقدم الجزاء وتأخره فإنه لا تأثير له بحال كما ذكره ابن السراج أنه إنما يأتي في الضرورة ليس كما قال فقد جاء في أفصح الكلام وهو كثير جدا كقوله تعالى واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون البقرة 172 وقوله فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين الأنعام 118 وقوله قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون آلعمران 118 وهو كثير
فالصواب المذهب الكوفي والتقدير إنما يصار إليه عند الضرورة بحيث لا يتم الكلام إلا به فإن كان الكلام تاما بدونه فأي حاجة بنا إلى التقدير وأيضا فتقديم الجزاء ليس بدون تقديم الخبر والمفعول والحال ونظائرها@

الصفحة 89