كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)
حرفان وفي الفعل اسمان برهان ذلك انقلابهما في الاسم ياء في التثنية والجمع كما ينقلبان فيما لا يحتمل ضميرا كزيدين والزيدين ولو كان ضميرا ك هما في الفعل لبقيا على لفظ واحد كما تقول في الفعل هؤلاء رجال يذهبون ومررت برجال يذهبون ورأيت رجالا يذهبون وكذلك في التثنية سواء فلا يتغير لفظ الواو لأنها فاعل وليست علامة إعراب الفعل فثبت بهذا صحة دعوى النحاة على العرب أن الضمير المستتر في الإسم المشتق لا يظهر في تثنية ولا جمع
وأن الضمير المستتر في الفعل يظهر في التثنية والجمع ولولا الدليل الذي ذكرناه لما
عرف هذا أبدا لأن العرب لم تشافهنا بهذا مشافهة ولا أفصحت عن هذا القدر في هذا ونحوه إلا باستقراء كلامها والتتبع لأنحائها ومقاصدها الموصل إلى غرائب هذه اللغة وأسرارها وحكمها
فإن قيل فقد عرفنا صحة ذلك فما هي الحكمة التي من أجلها فرقوا بين المواطنين فجعلوها ضمائر في الأفعال وحروفا في الأسماء
قيل في ذلك حكمة بديعة وهي أن الأسماء لما كان أصلها الإعراب كانت أحوج إلى علامة إعراب منها إلى علامة إضمار والأفعال أصلها البناء ولم يكن لها بد من الفاعل ضرورة فكانت احوج إلى علامة إضمار الفاعلين منها إلى علامة إعراب مع أن هذه العلامة في الأسماء علامة تثنية وجمع وحروف إعراب أيضا والأفعال لا تثنى ولا تجمع إذ هي مشتقة من المصدر وهو لا يثنى ولا يجمع لأنه يدل على القليل والكثير بلفظ واحد هذه علة النحاة@