كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)

ومنها أن المراد التنبيه على أن الموصوفين بالصفات المتقدمة هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر وكل هذه الأجوبة غير سديدة وأحسن ما يقال فيها أن الصفات إذا ذكرت في مقام التعداد فتارة يتوسط بينها حرف العطف لتغايرها في نفسها
وللإيذان بأن المراد ذكر كل صفة بمفردها وتارة لا يتوسطها العاطف لاتحاد موصوفها وتلازمها في نفسها وللإيذان بأنها في تلازمها كالصفة الواحدة وتارة يتوسط العاطف بين بعضها ويحذف مع بعض بحسب هذين المقامين
فإذا كان المقام مقام تعداد الصفات من غير نظر إلى جمع أو انفراد حسن إسقاط حرف العطف وإن أريد الجمع بين الصفات أوالتنبيه على تغايرها حسن إدخال حرف العطف فمثال ألأول التائبون العابدون الحامدون وقوله مسلمات مؤمنات قانتات تائبات
ومثال الثاني قوله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن وتأمل كيف اجتمع النوعان في قوله تعالى حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول فأتي بالواو في الوصفين الأولين وحذفها في الوصفين الآخرين لأن غفران الذنب وقبول التوب قد يظن أنهما يجريان مجرى الوصف الواحد لتلازمهما فمن غفر الذنب قبل التوب فكان في عطف أحدهما على الآخر مايدل على أنهما صفتان وفعلان متغايران ومفهومان مختلفان لكل منهما حكمه
أحدهما يتعلق بالإساءة والإعراض وهو المغفرة@

الصفحة 916