كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)

ومن تأمل الآية علم أنه لم يقصد بها إلا ذلك وقد قيل أنه لا يمتنع أن يطلق عليه تعالى أنه في السموات كما أطلقه على نفسه وأطلق عليه رسوله قالوا ولا يلزم أن يكون هذا الإطلاق مجاز بل له منه الحقيقة التي تليق بجلاله ولا يشابهه فيها شيء من مخلوقاته وهذا كما يطلق عليه أنه سميع بصير عليم قدير حي مريد حقيقة ويطلق ذلك على خلقه حقيقة والحقيقة المختصة به لا تماثل الحقيقة التي لخلقه فتناول الإطلاق بطريق الحقيقة لهما لا يستلزم تماثلهما حتى يفر منه إلى المجاز
وأما قوله أن الظرف متعلق بفعل غير استقر من الأفعال المنسوبة إلى الله وإلى المخلوقين حقيقة كذكر ويذكر إلى آخره فيقال حذف عامل الظرف لا يجوز إلا إذا كان كونا عاما أو استقرار عاما فإذا كان استقرار أو كونا خاصا مقيدا لم يجز حذفه وعلى هذا جاء مصرحا به في قوله تعالى فلما رآه مستقرا عنده لأن المراد به الاستقرار الذي هو الثبات واللزوم لا مطلق الحصول عنده فكيف يسوغ حذف عامل الظرف في موضع ليس بمعهود حذفه فيه وأبعد من هذا التقدير ما ذكره في التقدير الثاني أن عامل الظرف استقرار مضاف إلى ذكر محذوف استغنى به عن المضاف إليه
والتقدير استقر ذكره فإن هذا لا نظير له وهو حذف لا دليل عليه والمضاف يجوز أن يستغنى به عن المضاف إليه بشرطين أن يكون مذكورا وأن يكون معلوم الوضع مدلولا عليه لئلا يلزم اللبس@

الصفحة 934