كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)
فظاهر وإن قدرنا دخوله فقالوا تقديره إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ولا على غيرهم إلا من اتبعك من الغاوين ولا يخفي التكلف الظاهر عليه بل الأحسن أن يقال لما ذكر العباد وأضافهم إليه والإضافة يحتمل أن تكون إلى ربوبيته العامة فتكون إضافة ملك وأن تكون إلى الهيئة فتكون إضافة اختصاص ومحبة
والغاووين داخلون في العباد عند التعميم والإطلاق لقوله تعالى إنكل من في السماوات والارض إلا آتى الرحمن عبدا فالأول متناول له بوجه فصح إخراجه
المثال الثالث قوله تعالى لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم على أصح الوجوه في الآية فإنه تعالى لما ذكر العاصم استدعى معصوما مفهوما من السياق فكأنه قيل لا معصوم اليوم من أمره إلا من رحمة فإنه لما قال لا عاصم اليوم من أمره الله بقى الذهن طالبا للمعصوم فكأنه قيل فمن الذي يعصم فأجيب بأنه لا يعصم إلا من رحمة الله ودل هذا الفظ باختصاره وجلالته وفصاحته علي نفي كل عاصم سواه وعلى نفي كل معصوم سوى من رحمة الله فدل الاستثناء على أمرين على المعصوم من هو وعلى العاصم وهو ذو الرحمة وهذا من أبلغ الكلام وأفصحه وأوجزه ولا يلتفت إلي ما قيل في الآية بعد ذلك وقد قالوا فيها ثلاثة أقوال آخر
أحدها أن عاصما بمعنى معصوم كماء دافق وعيشة راضية والمعنى لا معصوم إلا من رحمة الله وهذا فاسد لأن كل واحد من اسم الفاعل واسم المفعول موضوع لمعناه الخاص به @