كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)

سبحانه بعثه نذيرا مبلغا لرسالات ربه فمن أطاعة فله الجنة ومن عصاه فله النار قال تعالى فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وقال تعالى قل يأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها
وما أنا عليكم بوكيل قال المفسرون المعنى انك لم ترسل مسلطا عليهم قاهرا لهم جبارا كالملوك بل أنت عبدي ورسولي المبلغ رسالاتي فمن أطاعك فله الجنة ومن عصاك فله النار ويوضح هذا أن المخاطبين بهذا الخطاب هم الكفار فلا يصح أن يكونوا هم المستثنين
المثال السابع قوله تعالى لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما
وهذا فيه نفي لسماع اللغو والتأثيم وإثبات لضده وهو السلام المنافي لهما فالمقصود به نفي شيء وإثبات ضده وعلى هذا فلا حاجة إلى تكلف دخوله تحت المستثنى منه لأنه يتضمن زوال هذه الفائدة من الكلام ومن رده إلى الأول قال لما نفي عنهم سماع اللغو والتأثيم وهما مما يقال فكأن النفس تشوفت إلى أنه هل يسمع فيها شيء غيره فقال إلا قيلا سلاما سلاما فعاد المعنى إلى لا يسمعون فيها شيئا إلا قيلا سلاما سلاما وأنت إذا تأملت هذين التقديرين رأيت الأول أصوب فإنه نفى سماع شيء وأثبت ضده وعلى الثاني نفى سماع كل شيء إلا السلام وليس المعنى عليه فإنهم يسمعون السلام وغيره فتأمله@

الصفحة 943