كتاب مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

وأخذ الفقه عن حمادِ بن أبي سليمان.
وسمع عطاء بن أبي رباح، وأبا إسحاق السَّبيعي، ومُحارب بن دِثار، والهيثم بن حبيب، ومحمد بن المنكدر، ونافعًا مولى ابن عمر، وهِشام بن عروة، وسِماك بن حرب.

روى عنه عبدُ الله بن المبارك، ووكيعُ بن الجرَّاح، ويزيدُ بن هارون، وعلي بن عاصم، والقاضي أبو يُوسف، ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهُم.

نقله المنصورُ من الكوفة إلى بغدادَ فأقامَ بها إلى أن مات فيها، وكان أكرهه ابنُ هُبَيْرة أيامَ مروان بن محمد الأموي على القضاء بالكوفة فأبى فضربه مائة سوط في عشرة أيام، كل يوم عشرة، فلمَّا رأى ذلك خلَّى سبيلَه، ولما أَشْخَصَهُ المنصورُ إلى بغداد أَرَادَهُ على القضاء، فأبى، فحلفَ عليه ليفعلنَّ، وحلفَ أبو حنيفة لا يفعل، وتكررت الأَيْمَانُ منهما فحبسَه المنصورُ، ومات في الحبسِ، وقيل: إنه افتدى نفسَه بأن تولى عَدَدَ اللَّبِنِ وَلَمْ يَصِحَّ.

كان رَبْعَة من الرِّجالِ، وقيل: كان طُوَالاً تعلوه سمرة حَسَنُ الوجه، أحسنُ الناسِ منطقًا وأحلاهم نَغْمَةً، حسن المجلس، شَدِيدَ الكرم، حسن المواساة لإخوانه.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللهُ -: قِيلَ لِمَالِكٍ: هَلْ رَأَيْتَ أَبَا حَنِيفَةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَأَيْتُ رَجُلاً لَوْ كَلَّمَكَ فِي هَذِهِ السَّارِيَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا ذَهَبًا لَقَامَ بِحُجَّتِهِ».
وقال الشافعي: «مَنْ أَرَادَ الحَدِيثَ فَعَلَيْهِ بِمَالِكٍ، وَمَنْ أَرَادَ الجَدَلَ فَعَلَيْهِ بِأَبِي حَنِيفَةَ».
وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللهُ -: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِي الفِقْهِ فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ».

الصفحة 108