كتاب مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

أو كما قال الحسين بن حُمَيْدٍ:
يَا نَاطِحَ الجَبَلِ العَالِي لِيُكْلِمَهُ ... أَشْفِقْ عَلَى الرَّأْسِ لاَ تُشْفِقْ عَلَى الجَبَلِ

ولقد أحسن أبو العتاهية حيث يقول:
وَمَن ذَا الذِي يَنْجُو مِنَ النَّاسِ سَالِمًا ... وَلِلْنَّاسِ قَالٌ بِالظُّنُونِ وَقِيلُ

وهذا خير من قول القائل:
............ ... وَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ قَوْلٍ إِذَا قِيلاَ؟!

فَقَدْ رَأَيْنَا [البَاطِلَ] وَالبَغْيَ وَالحَسَدَ [أَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ] قَدِيمًا أَلاَ تَرَى إِلَى قَوْلِ الكُوفِيِّ فِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: إِنَّهُ لاَ يَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ وَلاَ يَغْزُو فِي السَّرِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَسَعْدٌ بَدْرِيُّ وَأَحَدُ العَشَرَةِ المَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَأَحَدُ السِّتَّةِ الذِينَ جَعَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ الشُّورَى فِيهِمْ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ.

وُقَدْ رُوِيَ أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ: «يَا رَبِّ اقْطَعْ عَنِّي أَلْسُنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: يَا مُوسَى لَمْ أَقْطَعْهَا عَنْ نَفْسِي فَكَيْفَ أَقْطَعُهَا عَنْكَ؟».

قَالَ أَبُو عُمَرَ: «وَاللَّهِ لَقَدْ تَجَاوَزَ النَّاسُ الحَدَّ فِي الغِيبَةِ وَالذَّمِّ، فَلَمْ يَقْنَعُوا بِذَمِّ العَامَّةِ دُونَ الخَاصَّةِ وَلاَ بِذَمِّ الجُهَّالِ دُونَ العُلَمَاءِ، وَهَذَا كُلُّهُ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الجَهْلُ وَالحَسَدُ، وَقِيلَ لابْنِ المُبَارَكِ: فُلاَنٌ يَتَكَلَّمُ فِي أَبِي حَنِيفَةَ فَأَنْشَدَ بَيْتَ ابْنِ الرُّقَيَّاتِ:

الصفحة 135