كتاب مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

وَالطَّحَاوِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إِنْ كَانَ قَدِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ - أي أمر حديث «رَدِّ الشَّمْسِ» لعلي -، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْكَارُهُ وَالتَّهَكُّمُ بِمَنْ رَوَاهُ. قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بْنُ عُقْدَةَ: ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبَّادٍ، سَمِعْتُ بَشَّارَ بْنَ دِرَاعٍ قَالَ: لَقِيَ أَبُو حَنِيفَةَ مُحَمَّدَ بْنَ النُّعْمَانِ، فَقَالَ: عَمَّنْ رَوَيْتَ حَدِيثَ رَدِّ الشَّمْسِ؟ فَقَالَ: عَنْ غَيْرِ الَّذِي رَوَيْتَ عَنْهُ: يَا سَارِيَةُ، الْجَبَلَ.

فَهَذَا أَبُو حَنِيفَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ، وَهُوَ كُوفِيٌّ لاَ يُتَّهَمُ عَلَى حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَتَفْضِيلِهِ بِمَا فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَهُوَ مَعَ هَذَا يُنْكِرُ هَذَا عَلَى رَاوِيهِ.

وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ لَهُ لَيْسَ بِجَوَابٍ، بَلْ مُجَرَّدُ مُعَارِضَةٍ لاَ تُجْدِي، أَيْ أَنَا رَوَيْتُ فِي فَضْلِ عَلِيٍّ هَذَا الحَدِيثَ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرَبًا فَهُوَ فِي الغَرَابَةِ نَظِيرَ مَا رَوَيْتَهُ أَنْتَ فِي فَضْلِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ: يَا سَارِيَةُ، الجَبَلَ. وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ كَهَذَا، لاَ إِسْنَادًا وَلاَ مَتْنًا، وَأَيْنَ مُكَاشَفَةُ إِمَامٍ قَدْ شَهِدَ الشَّارِعُ لَهُ بِأَنَّهُ مُحَدَّثٌ بِأَمْرٍ جُزْءٍ مِنْ رَدِّ الشَّمْسِ طَالِعَةً بَعْدَ مَغِيبِهَا الذِي هُوَ أَكْبَرُ عَلاَمَاتِ السَّاعَةِ؟!».

وقال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " (¬1):
«محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي الكوفي
¬__________
(¬1) 5/ 300، 301.

الصفحة 30