كتاب مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث
فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ خَرَجَ، حَتَّى وَرَدَتْ عَلَيَّ مَسَائِلُ لَمْ أَسْمَعْهَا مِنْهُ، فَكُنْتُ أُجِيبُ وَأَكتُبُ جَوَابِي، فَغَابَ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ قَدِمَ، فَعَرَضتُ عَلَيْهِ المَسَائِلَ، وَكَانَتْ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ مَسْأَلَةً، فَوَافَقَنِي فِي أَرْبَعِينَ، وَخَالَفَنِي فِي عِشْرِينَ، فَآلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلاَّ أُفَارِقَه حَتَّى يَمُوتَ».
وقال محمد بن مُزَاحِمٍ: سمعت ابن المبارك يقول: «لَوْلاَ أَنَّ اللهَ أَغَاثَنِي بِأَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ، كُنْتُ كَسَائِرِ النَّاسِ»، وَقَالَ سُلَيْمان بْنُ أَبِي شَيْخٍ، حَدَّثَنِي حُجْرُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّار، قَالَ: قِيلَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مَعْن المَسْعُودِيِّ: تَرْضَى أَنْ تَكونَ مِن غِلْمَانِ أَبِي حَنِيفَة؟ قَالَ: «مَا جَلَسَ النَّاسُ إِلَى أحدٍ أَنْفَعَ مِنْ مُجَالَسَة أَبِي حَنِيفَة».
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الصَّبَّاحِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قِيلَ لِمَالِكٍ: هَلْ رَأَيْتَ أَبَا حَنِيفَةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ رَأَيْتُ رَجُلاً لَوْ كَلَّمَكَ فِي هَذِهِ السَّارِيَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا ذَهَبًا لَقَامَ بِحُجَّتِهِ».
وَعَنْ رَوْحٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ جُرَيْجٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةَ، فَأَتَاهُ نَعْيُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَاسْتَرْجَعَ وَتَوَجَّعَ وَقَالَ: «أَيُّ عِلْمٍ ذَهَبَ؟!».
وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ صُرْدٍ: وسُئِلَ يَزِِيدُ بْنُ هَارُونٍ أَيُّمَا أَفْقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَوْ سُفْيَانُ؟ فَقَالَ: «سُفْيَانُ أَحْفَظُ لِلْحَدِيثِ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَفْقَهُ».
وعن ابن المبارك قال: «مَا رَأَيْتُ فِي الفِقْه مِثْلَ أَبِي حَنِيفَةَ». وعنه قال: «إِذَا اجْتَمَعَ سُفْيَانُ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَمَنْ يَقُومُ لَهُمَا فُتْيَا؟».
وَقَالَ أَبُو عُرُوبَةَ: سَمِعْتُ سَلَمَةُ بْْنَ شَبِيبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَزَّاقِ،
الصفحة 92
163