كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

السياق. ولقوله " يموت طاهراً " فإنه لا يناسب ذلك إلا من يباشر بدنه بالحمل. انتهى.
قلت: وهذا الذي قاله فيه أمور منها:
أنه لم يقل هو بظاهره. إذ الأصل حمل الألفاظ على المعاني الشرعية لا اللغوية، إلا بقرينة، والذي أتى به من التعليل على أنه قرينة تصرف اللفظ عن ظاهره تعليل باطل. لأنه مبني على أن الوضوء لا يكون واجباً على من مسَّ طاهراً، فان هذا هو مقتضى قوله بأن المسَّ للنجس لا يوجب وضوءاً، فيكون مس ما هو طاهر من باب أولى أن لا يجب فيه الوضوء.
قلت: وهذا تعليل غير مكتمل، إذا هو قياس بين الحي والميت، ثم قد ثبت في حديث أبي هريرة وغيره في الصحيحين " إن المؤمن لا ينجس " أي فهو طاهر، وليس المعنى الطهارة - التي هي عدم وجود النجاسة - باتفاق العلماء في المشرق والمغرب، سواء الذكر والأنثى فيه، فقد يكون المراد بالطهارة في ذاك الحديث من هذا الباب - إن صح الحديث -.
ثم إنا إن لم نفرق بينهما، فقد قال كثير من العلماء بوجوب الوضوء الشرعي من مس الذكر، بل ومس المرأة، ولو لم يكن بنجاسة.
وأما قول الصنعاني: إن المراد إذا حمله مباشراً لبدنه بقرينة السياق، فيه نظر لا يخفي، وإلزام بما ليس بملزم، وحصر لما هو مطلق غير مقيّد.
ثم إن الذي علّل به في آخر كلامه، يناقض الذي ذهب إليه، حيث جعل الطهارة سبباً لغسل اليدين عند المباشرة!!
والحاصل من كلامه رحمه الله أنه هو أيضاً لم يفت بظاهر هذا الحديث من غير خلاف.
ثم إني لم أعرف أحداً من العلماء قال بظاهر هذا الحديث إلا ابن حزم

الصفحة 130