كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

قوله - صلى الله عليه وسلم -: (تسلمي ثلاثاً). لفظة قرنت بعدد موصوف قصد به الحسم عما لا يحل استعماله في ذلك العدد.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " اصنعي ما شئت "، لفظة أمر قصد به الإباحة في ظاهر الخطاب، مرادها الزجر عن استعمال ما أمر به، يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله ما وصفت، التسليم لأمر الله جل وعلا في الأيام الثلاث قبلها وبعدها. انتهى كلامه.
قلت: وهذا الذي قاله ابن حبان ناتج عن تحريف أولاً، ثم أوّله تأويلاً باطلاً ثانياً.
فأما التحريف، فليس لفظ الحديث تسلمي، كما قدمنا في الطرق والألفاظ السالفة، وقد نقل لفظ الحديث غير واحد من شراح الغريب. فقالوا: " تسلبي " بالباء بدل الميم فقال ابن منظور في " لسان العرب ": " وفي الحديث عن أسماء بنت عميس أنها قالت: " لما أصيب جعفر أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: تسلبي ثلاثاً، ثم اصنعي بعد ما شئت ".
قال ابن منظور: تسلّبي: أي البسي ثياب الحداد السُّود، وهي السِّلاب، وتَسَلبت المرأة إذا لبسته، وهو ثوب أسود تغطي به المحِد رأسها.
وقال ابن الأثير في " النهاية في غريب الحديث ": " تسلّبي: أي البسي ثياب الحداد، وهو السِّلاب، والجمع سُلُب، وتسلبت المرأة إذا لبسته، وقيل هو ثوب أسود تغطي به المحدُّ رأسها،.

الصفحة 137