كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

في المسائل إلا قول طائفة من العلماء عندهم، ولو كان الخبر خلاف مسائلهم، فهو خاص مردود، لأن هذه الطائفة عندهم قبلت خبر الواحد فيما حكاه أهل التصنيف عنهم.
وثالثها: أننا لا نعبأ بخلاف الرافضة أصلاً، وبيننا وبين القول بقواعدهم وأصولهم، التي حرروها مفاوز ما أظنها تتجاوز.
ورابعها: أن قول هشام والنظام لا يعتبر نفياً للقول بحجة خبر الآحاد، وإنما هو زيادة شرط منهما حتى يقبل الخبر.
وإنما كان وجه الإنكار عليهما الاتساع في وضع هذا الشرط الذي ينال كل حديث مهما بلغت صحته وارتفع قبوله، بخلاف غيرهما من الفقهاء الذين اشترطوا شروطاً أخرى في أشياء مخصوصة، كالتي شرطها الحنفية كما سيأتي، وبخلاف اشتراط طائفة من المحدثين أشياء أخرى مبسوطة في كتب المصطلح على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وبيان الشروط الصحيحة منها والفاسدة.
وخامسها: في بيان الإجماع الذي حكاه الجويني، فإن المراد به إما الصحابة، وإما مَن بعدهم، وقد قدمنا أن من لا يعبأ بخلاف من خالف لا يتوانى عن ذكر الإجماع في المسألة، وعلى عدم اعتبار المشترطين من القائلين بالنفي. وأنها مسألة إجماع من العلماء، وذلك بعد الارتفاع عن مسألة نفي العلم أو العلم بالنفي التي يثيرها المتكلمون.
وأما إن كان المراد إجماع الصحابة على ذلك، فهذا نقله غير واحد من العلماء وحكاه عنهم، بل وجعله من أدلة القول على العمل بخبر الواحد، لأنه يكون دليلاً لا يقبل الرد عند سائر من يعتبر إجماع الصحابة، ولا يجيز مخالفتهم.
كما سيأتي بيان هذه المسألة عند دليل الإجماع على صحة قبول خبر الواحد.

الصفحة 15