كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

الوصل الثالث: في بيان أن قول الفقهاء خلاف الحديث الوارد في المسح على النعلين، وذكر حججهم في دفع ذلك:
وإنما ذكرنا هنا حديث المسح على النعلين وحده، وهو الوجه الأول، لأنه هو المراد من هذا الموضع، دون الثلاثة الباقية التي أسلفت ذكرها في أول الباب، لأنها ثمة من أفتى بها، كالمسح على الجوربين، أو القدمين.
قال البخاري رحمه الله في الصحيح: " باب غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين " فقال الحافظ في الشرح: أي لا يكتفي بالمسح عليهما كما في الخفين، وأشار بذلك إلى ما روي عن علي وغيره من الصحابة أنهم مسحوا على نعالهم في الوضوء ثم صلوا، وروي في ذلك حديث مرفوع أخرجه أبو داود وغيره، من حديث المغيرة بن شعبة، لكن ضعفه عبد الرحمن بن مهدي وغيره من الأئمة، واستدل الطحاوي على عدم الإجزاء بالإجماع على أن الخفين إذا تخرقا حتى تبدو القدمان أن المسح لا يجزئ عليهما، قال: فكذلك النعلان لأنهما لا يفيدان القدمين. انتهى.
قال ابن حجر: وهو استدلال صحيح، لكنه منازع في نقل الإجماع المذكور، وليس هذا موضع بسط المسألة. انتهى.
قلت: هو الموضع عندنا، والإجماع الذي ذكره الطحاوي له وجهان:
الأول: إجماعهم جواز المسح على الخفين.
والثاني: إجماع من قال بالمسح على الخفين، بعدم جواز المسح على الخف غير الساتر لما فوق الكعبين.
فأما الأول: فقد نقل المنذري عن ابن المبارك أنه قال ليس في المسح

الصفحة 172