كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

ب - الفرع الثاني: في بيان النقلية: وهي أنواع.
1 - أولها: حجج القرآن الكريم:
* الحجة الأولى في قوله تعالى: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122).
قال الرازي وغيره من العلماء فيها:
وجه الاستدلال: أن الله تعالى أوجب الحذر بأخبار الطائفة، والطائفة ها هنا عدد لا يفيد قولهم العلم، ومتى وجب الحذر بإخبار عدد لا يفيد قولهم العلم فقد وجب العمل بالخبر الذي لا نقطع بصحته.
وإنما قلنا: إنه أوجب الحذر - عند إخبار الطائفة - لأنه أوجب الحذر بإنذار الطائفة، والإنذار هو الإخبار.
وإنما قلنا: إنه أوجب الحذر بإنذار الطائفة لقوله تعالى: (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) وكلمة " لعل " للترجي، وذلك في حق الله تعالى محال، وإذا تعذر حمله على ظاهره وجب حمله على المجاز، وذلك لأن المترجي طالب للشيء. فإن كان الطلب لازماً للترجي وجب حمل هذا اللفظ على الطلب، فيلزم أن يكون الله طالباً للحذر، وطلب الله تعالى هو الأمر فثبت أن الله تعالى أمر بالحذر عند إنذار الطائفة. وإنما قلنا: إن الإنذار هو الإخبار، لأنه عبارة عن الخبر المخوف، والخبر داخل في الخبر المخوف، فثبت أن الله تعالى أوجب الحذر عند إخبار الطائفة.

الصفحة 25