كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

* مناقشة الاعتراض الأول:
فإنهم قالوا: الحمل على الفتوى - أي حمل الخبر على الفتوى - متعذر لوجهين:
الأول:
أنا لو حملناه على الفتوى، لاختص لفظ القوم بغير المجتهدين، لأن المجتهد لا يجوز له العمل بفتوى المجتهد، لكن التقييد غير جائز لأن الآية مطلقة. انتهى اعتراضهم.
قلت: وقد دفعه غير واحد من غير وجه، ولم أوردها جميعها، إذ لا حاجة لها، بل هي دفع للخطأ بجنسه، فإن أصل الاعتراض غير صحيح، ولا هو في باب الموضوع، إذ أننا بصدد الرواية عن الشارع، لا بصدد نقل فتوى المجتهد، وإلزام الآخر بها، فإننا لا نريد إلزام المجتهد إلا بقبول خبر الآحاد في الرواية فقط.
* مناقشة الاعتراض الثاني:
فإنهم قالوا: ومع تطرق هذه الاحتمالات فالاستدلال بالآية على كون خبر الواحد حجة في الشرعيات غير خارج عن باب الظنون فيما هو من جملة الأصول، والخصم مانع لصحته، فالقاعدة الأصولية أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل في الاستدلال. انتهى الاعتراض الثاني.
قلت: والجواب على الاعتراض من أوجه:
الأول: أن الاحتمال المذكور في القاعدة إنما هو الاحتمال غير المدفوع، ولا المنفي، وإلا فلترد كل قاعدة بأي احتمال ولو كان خطأً، وهو

الصفحة 27