كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

الثاني: وهو ما جاء في سبب نزول الآية.
فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده، وابن أبي عاصم في تفسيره، والطبراني في معجمه، وابن مندة، وابن مردويه في التفسير، بإسناد حسن عن الحارث بن ضرار الخزاعي قال:
قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني إلى الإسلام، فدخلت فيه وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها، قلت: يا رسول الله: أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته، وترسل إلي يا رسول الله رسولاً (بأبان) كذا وكذا ليأتيك بما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة، ممن استجاب له وبلغ الأبان الذي أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبعث إليه، احتبس الرسول فلم يأت، فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله، فدعا بسروات قومه فقال لهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان وقت لي وقتاً يرسل إلي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة فانطلقوا فنأتي رسول الله، وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض المال وكان عنده مما جمع من الزكاة، فلما سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق فرجع، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي، فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البعث إلى الحارث، فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث، فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟، قالوا: إليك، قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال: لا والذي بعث محمداً بالحق، ما رأيته ولا أتاني.
فلما دخل الحارث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: منعت الزكاة وأردت قتل رسولي.

الصفحة 30