كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

2 - ثانيها حجج السنة:
وقبل الشروع في بيان أدلتها لا بد من التنبيه على أن القائلين بترك العمل بخبر الواحد، وأنه غير واجب العمل به، لا يعتدون بشيء من أدلة السنة إلا ما كان متواتراً، بخلاف سائر الأئمة القائلين بصحة الاحتجاج به، فإنه لا يلزمهم حصول هذا الشرط فيه، ولذلك فإنني أبتدئ هذه الحجج من السنة بالخبر الذي هو متواتر عند جمهور المحدثين والأئمة، بخلاف المتعنتين الذين ليس لقولهم حجة ولا برهان، الذين قالوا: أربعين.
أن يبلغ عدد المخبرين أربعين كالعدد المعتبر في الجمعة.
أو الذين قالوا: سبعين لقوله تعالى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا).
أو الذين قالوا: ثلثمائة وبضعة عشر بعدد أهل بدر.
أو الذين قالوا: خمس عشرة مائة.
أو الذين قالوا: سبع عشرة مائة.
أو الذين قالوا: أربع عشرة مائة، وهؤلاء ثلاثتهم عزوه لعدة أهل بيعة الرضوان.
أو الذين قالوا: عدد هذه الأمة.
فإن هؤلاء جميعهم مجازفون مغالون، بل هاذون أعني القائلين منهم بما هو فوق السبعين.
وأما سائر بقية العلماء فقد قالوا بما هو دون ذلك بكثير، ما بين الأربعة إلى العشرين، ومعلوم أن هذا العدد مشروط في سائر الطبقات عند الجميع.
وهذا ذكر الحديث الأول الذي هو متواتر عند طائفة غير قليلة من

الصفحة 33