كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

في صلاة الصبح، إذ أتاهم آت فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة، فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.
قال الشافعي الإمام رحمه الله:
وأهل قباء أهل سابقة من الأنصار وفقه، وقد كانوا على قبلة فرض عليهم استقبالها، ولم يكن لهم أن يدعوا فرض الله في القبلة إلا بما تقوم عليهم الحجة، ولم يلقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمعوا ما أنزل عليه في تحويل القبلة، فيكونوا مستقبلين بكتاب الله وسنة نبيه سماعاً من رسول الله، وبخبر عامة، وانتقلوا بخبر واحد إذا كان عندهم من أهل الصدق عن فرض كان عليهم، فتركوه إلى ما أخبرهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أحدث عليهم بتحويل القبلة.
ولم يكونوا ليفعلوه - إن شاء الله - بخبر إلا عن علم بأن الحجة تثبت بمثله إذا كان من أهل الصدق - يعني المخبر بذلك -.
ولا ليحدثوا أيضاً مثل هذا العظيم في دينهم إلا عن علم بأن لهم إحداثه.
ولا يدعون أن يخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما صنعوا منه.
ولو كان ما قبلوا من خبر الواحد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تحويل القبلة وهو فرض، مما يجوز لهم لقال لهم - إن شاء الله - رسول الله: قد كنتم على قبلة، ولم يكن لكم تركها، إلا بعد علم تقوم عليكم به حجة، من سماعكم أو من خبر عامة. أو أكثر من خبر واحد عني.

الصفحة 46