كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

والذي يؤكد هذا الذي قضينا به، أن سائر الأخبار التي جاءت عن عمر قد رجع فيها القول بخبر الواحد دون إشهاد عليه من غيره، وذلك لأنه لم يكني له فيه خبر سمعه، أو علم ما قام مقام الخبر.
وكذا ما لو خالف الخبر رأيه المستنبط، فإن عمر رضي الله عنه لم يطلب دليلاً على صحة الخبر من غيره، ما دام صدق ناقله.
ومن أخبار عمر رضي الله عنه في الرجوع لخبر الواحد والعمل به على مثل ما وصفنا حوادث:
أولها: أن عمر رضي الله عنه كان يقول: الدية للعاقلة، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئاً، حتى أخبره الضحاك بن سفيان، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه، أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته. فرجع إليه عمر.
ثانيها: أن عمر رضي الله عنه قال:
أذكر الله امرءًا سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين شيئا؟.
فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال:
كنت بين جارتين لي - يعني ضرتين - فضربت إحداهما الأخرى بمسطح، فألقت جنيناً ميتاً، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغرَّة عبد.

الصفحة 54