كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

ظنه دليلاً، مع أنه ليس كذلك، أو كان يكون نسي ما رواه، فلا يصلح هذا أن يكون معارضاً.
فإن قلت: إن الظاهر من دينه أنه لا يخالف إلا لدليل.
قلنا: نعم، إن دينه يمنعه عن الخطأ العمد، لا عن السهو وما ليس بعمد، والمرء يصيب ويخطئ، فلما لم يتبين لنا وجه دليله، لم يكن عندنا من العلم، ونحن مطالبون بما بلغنا من العلم المقطوع بنسبته للشارع، لا بالمظنون، وما قد لا يكون حجة أصلاً.
ومثال هذا الشرط: ما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب " وله ألفاظ أخرى كثيرة.
وأخرج الدارقطني عن أبي هريرة موقوفاً، وكذا الطحاوي، أنه كان يغسل من ولوغه ثلاث مرات.
فحمل الحنفية رواية السبع على الاستحباب، والثلاث على الوجوب. وقد تعقب عليهم في هذا الفرع بالذي تعقبناهم به في الأصل، فقال الحافظ ابن حجر في " الفتح ": وأما الحنفية فلم يقولوا بوجوب السبع، ولا التتريب، واعتذر الطحاوي وغيره عنهم بأمور منها، كون أبي هريرة راويه أفتى بثلاث

الصفحة 68