كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

الثاني: في علة القياس:
فقال أبو الحسين البصري: علّة القياس الجامعة إما أن تكون منصوصة أو مستنبطة: فإن كانت منصوصة، فالنص عليها - يعني أنه يقدم القياس - لأنه إما أن يكون مقطوعاً به أو غير مقطوع.
فإن كان مقطوعاً به، وتعذر الجمع بينهما، وجب العمل بالعلة، لأن النص على العلة، كالنص على حكمها، وهو مقطوع به، وخبر الواحد مظنون، فكانت مقدّمة.
وأما إن لم يكن النص على العلة مقطوعاً به، ولا حكمها في الأصل مقطوعاً به، فيجب الرجوع إلى خبر الواحد لاستواء النصين في الظن، أو اختصاص خبر الواحد بالدلالة على الحكم بصريحه من غير واسطة، بخلاف النص الدال على العلّة، فإنه يدل على الحكم بواسطة العلة.
وأما إن كان حكمهما ثابتاً قطعاً فذلك موضع الاجتهاد.
وأما إن كانت العلة مستنبطة فحكم الأصل إما أن يكون ثابتاً بخبر الواحد أو بدليل مقطوع به، فإن كان ثابتاً بخبر واحد، فالأخذ بالخبر الأولى، وإن كان ثابتاً قطعاً فينبغي أن يكون هذا موضع الاختلاف بين الناس " انتهى.
فمعنى قوله أنه يجتهد في هذا الأخير.
وتوقف القاضي أبو بكر الباقلاني.
وقال أبو الحسين الصيمري: لا خلاف في العلة المنصوص عليها وإنما الخلاف في المستنبطة.

الصفحة 77