كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

وهذا الإطلاق منه عجيب جداً، لأنه لا يعدو كونه إجماعاً لأهل المدينة، والمعلوم عند سائر علماء الأصول أن إجماع أهل المدينة ليس بحجة عند الجمهور إلا المالكية الذين قالوا به.
حتى قال الشافعي في " اختلاف الحديث ":
قال بعض أصحابنا: إنه حجة، وما سمعت أحداً ذكر قوله إلا عابه، وإن ذلك عندي معيب.
وقال الجرجاني: " إنما أراد مالك بالإجماع الفقهاء السبعة وحدهم ".
والذي أراه أن الإتفاق الذي أورده شيخ الإسلام ابن تيمية، إنما هو صحيح فيما لو اقتصر على مسائل مخصوصة كالحكم في المقادير المنسوبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - عندهم في معرفة مقدار المد والصاع ونحوهما، أو كمعرفة حدود مسجده، وروضته، ومكان المنبر، والأذان، وأشياء من هذا مخصوصة، فإنه لم يذكر تحت هذا الباب إلا مسألة الصاع والمد، ومسألة صدقة الخضروات، وتعريف أحباس بعض الصحابة.
فهذا الذي من الواجب حصر كلامه فيه، حتى لا يلزم الخطأ.
وقد بسطت القول على معرفة المراد من إجماع أهل المدينة في أول " تقريب المدارك " بما لا يوجد في غيره.
وأما المرتبة الثانية:
فهي حجة في مذهب مالك، وهو المنصوص عن الشافعي كما يذكر

الصفحة 89