كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

للقدح في الحديث، غير أن ذلك لا يوجب جرح واحدٍ منهما على اليقين، لأن كل واحد منهما عدل، وقد وقع الشك في كذبه والأصل العدالة، فلا تترك بالشك.
وتظهر فائدة ذلك في قبول رواية كل واحدٍ منهما في غير ذلك الخبر - وهذا نادر جدا - وأما إن كان الثاني فاختلفوا فيه - على ما تقدم، وهو الموجود -.
ودليل الجواز: الإجماع والمعقول:
أما الإجماع فما روي أن ربيعة بن عبد الرحمن روى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى باليمين مع الشاهد.
ثم نسيه سهيل، فكان يقول: حدثني ربيعة عني أني حدثته عن أبي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. . . الحديث. ولم ينكر عليه أحد من التابعين ذلك. فكان إجماعاً منهم على جوازه ". انتهى.
قلت: حكاية الإجماع هذه فيها نظر بين، لأنه قد لا يكون بلغ هذا جميعهم، أو أنه بلغ بعضهم فأنكره، ولم يبلغنا إنكاره.
ثم هو على مذهب: " لا ينسب لساكت قول " غير معتبر أصلاً في الإجماع، إلا أنه مفيد الراوي وشيخه ومن دونهما، ومن أورد الخبر من الأئمة ورواه أنه مقبول عندهم، وهذا مهم جداً، لكثرة من أخرج هذا الخبر.
وأما المعقول فمن وجهين:
الأول: أن الفرع عدل، وهو جازم بروايته عن الأصل غير مكذب له، وهما عدلان، فوجب قبول الرواية والعمل بها.

الصفحة 93