كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

الثاني: أن نسيان الأصل لا يزيد على موته وجنونه، ولو مات أو جنّ، كانت رواية الفرع عنه مقبولة ويجب العمل بها إجماعاً، فكذلك إذا نسي.
فإن قيل: أما الاستدلال بقضية ربيعة، فلا حجة فيها لاحتمال أن سهيلاً ذكر الرواية برواية ربيعة عنه، ومع الذكر فالرواية تكون مقبولة.
ثم هو معارض بما روي أن عمار بن ياسر قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: أما تذكر يا أمير المؤمنين لما كنا في الإبل، فأجنبت فتمعكت في التراب، ثم سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنما يكفيك أن تضرب. . . فلم يقبل عمر من عمار ما رواه، مع كونه عدلاً عنده.
فالجواب عن قولهم إن سهيلاً ذكر الرواية. أنه لو كان كذلك لانطوى ذكر ربيعة، ولذكر الحديث عن أبيه عن أبي هريرة دون ذكر ربيعة.
وأما في قصة عمر، فلم يكن عمار راوياً عن عمر، وإنما كان شاهداً للقصة كلها راوياً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قلت: وثمة وجه ثالث في المعقول وهو: إن كلام الفرع على فرض صحته له شاهدان: كلام الشيخ، وسماع الراوي عنه، بخلاف الأمر على فرض صحة كلام الأصل فإنه ليس له إلا شاهد واحد غير محسوس.
وحصول الوهم في الثاني أغلب بكثير من حصوله في الأول.
فوجب القبول بكثرة عدد الشهود، والعمل بالمحسوس، وقلّة الوهم، فهذه ثلاث أمور ليس أقوى منها في قبول الخبر.
وأما حجة المانعين من القبول بقياسهم الرواية على الشهادة. فلا

الصفحة 94