كتاب الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

9 - الشرط التاسع: أن لا يحمل على خلاف تفسير راويه:
أ - وصورة هذا أن يروي الصحابي خبراً تكون له محامل متعددة، لأنه جاء مجملا غيرمفسر ويمتنع حمله على جميع محامله.
فقد ذهب الفقهاء في هذا إلى وجوب حمل الخبر على ما حمله الراوي عليه، لأن الظاهر من حال النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا ينطق باللفظ المجمل في التشريع وبيان الأحكام، ويخليه عن قرينة حالية أو مقالية، تعين المقصود من الكلام.
ولما كان الصحابي رأوي الخبر، الشاهد للحال، أعرف بذلك من غيره، وجب حمل الحديث على ما فسّره به.
وخالف غير واحد منهم فقالوا: لا يكون تعيين الراوي حجة على غيره من المجتهدين حتى ينظر في تفسيره، فإن انقدح له غير ما جاء في تفسيره عن الراوي، وجب عليه متابعة الذي رآه هو، لا ما حمله عليه الراوي.
وأما إن تردد المجتهد في تعيين مقصده فالواجب حمله على محمل الراوي.
ب - وأما إن كان اللفظ ظاهراً في معنى معين محدد، وحمله الراوي على غيره، فذهب الشافعي والجمهور وأبو الحسن الكرخي من الحنفية إلى إهمال تفسير الراوي.
وذهب الآخرون إلى وجوب العمل بتفسير الراوي كالأول.
وقال القاضي عبد الجبار: إن لم يكن لمذهب الراوي وتأويله وجه سوى علمه بقصد النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك التأويل، وجب المصير إليه.

الصفحة 98