كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 27)

العنب إذا رغا وأزبد فهذِه التي من أحلها كفر، والأخرى التي لا يكفر من أحلها، وهي التي جاء بها التوقيف عن رسول الله أنه الخمر، وعن أصحابه بالأسانيد التي لا يدفعها إلا حادٍ عن الحق أو جاهل، إذ [قد صح] (¬1) عنه تسميتها خمرًا وتحريمها، فمن ذلك حديث عائشة: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البتع (¬2)؛ فقال: "كل شراب أسكر فهو حرام" (¬3).
قال أبو جعفر: فلو لم يكن في هذا الباب إلا هذا الحديث لكفى؛ لصحة إسناده واستقامة طريقه، وقد أجمع الجميع أن الآخر لا يسكر إلا بالأول فقد حرم الجميع بتوقيف الشارع، وفي هذا الباب بما لا يدفع حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - يرفعه: "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام" (¬4). قال أحمد: هذا إسناد صحيح (¬5).
وعن أبي موسى وأبي هريرة مرفوعًا: "كل مسكر حرام" (¬6)، قال أبو جعفر: فهذِه الأسانيد المتفق على صحتها. وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" (¬7) فهذا تحريم ما أسكر كثيره نصًا، بهذا الإسناد المستقيم.
¬__________
(¬1) في الأصل: يوضح، والمثبت من "الناسخ والمنسوخ".
(¬2) البتع، بكسر الباء الموحدة، كعنب: نبيذ العسل المشتد أو سلالة العنب، انظر: "القاموس المحيط" مادة: بتع. ص 905.
(¬3) سلف برقم (242) كتاب: الوضوء، باب: لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر.
(¬4) "مسلم" (2003) كتاب: الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر.
(¬5) "الناسخ والمنسوخ" 1/ 584 - 585.
(¬6) سلف برقم (4343) كتاب: المغازي، باب: بعث أبي موسى.
(¬7) رواه ابن ماجه (3392) وأحمد 2/ 91، والبيهقي 8/ 296 قال الألباني في "الإرواء" (2375) وقال: صحيح.

الصفحة 39