كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 27)

قلت: قال الدارقطني: إنه حديث لا يثبت (¬1). وعمر يجيز بحضرة الصحابة أنه يجلد في الرائحة من غير سكر؛ لأنه لو كان سكرانًا لما احتاج أن يسأل عما يشرب، فرووا عن عمر ما لا يحل لأحد أن يحكيه عنه من غير جهة لوهاء الحديث، وإنه شرب من سطيحته، وإنه يحد على السكر وذلك ظلم؛ لأن السكر ليس من فعل الإنسان وإنما هو شيء يحدث عن الشراب وإنما الضرب على الشرب كما أن الحد في الزنا إنما هو على الفعل لا على اللذة، ولهذا قيل لهم: تحريم السكر محال؛ لأن الله تعالى إنما يأمر وينهى بما في الطاقة، وقد يشرب الإنسان يريد السكر فلا يسكر، ويريد أن لا يسكر فيسكر، لتباين طباع الناس.
قال: ثم تعلقوا بما رويناه من حديث أبي نعيم عن مسعر، عن أبي عون، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس، أنه قال: حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب (¬2)، وهذا الحديث رواه شعبة -على إتقانه وحفظه- على غير ملأ عن مسعر عن أبي عون، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس: حرمت الخمر بعينها، والمسكر من كل شراب (¬3)، أي بالميم.
¬__________
(¬1) "سنن الدارقطني" 4/ 261.
(¬2) كذا رواه أبو جعفر النحاس في "ناسخه ومنسوخه" 1/ 617، من طريق أبي نعيم المذكور، وكذا رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 214، والطبراني 10/ 338، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 224، ووقع في المطبوع منه "المسكر من كل شراب" وهو خطأ، والصواب: "السكر من كل شراب".
(¬3) رواية شعبة أخرجها أحمد في "الأشربة" ص 58 برقم (109)، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، به. ومن طريقه النسائي 8/ 321، والطبراني 10/ 338، والدرا قطني 4/ 256، والبيهقي 8/ 297، ووقع في المطبوع من "سنن النسائي": والسكر بدلا من المسكر.

الصفحة 51