قلت: وروى أحمد عن أبي عبد الرحمن الحنفي: شهدت عطاء سُئل عن النبيذ، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر حرام" فقلت: يا ابن أبي رباح إن هؤلاء يسقون في المسجد نبيذًا شديدًا، فقال لهم: والله لقد أدركتها وإن الرجل ليشرب منها فتلتزق شفتاه من حلاوتها (¬1).
وروى أحمد أيضًا في كتاب "الأشربة" من حديث الحسن عن نافع، عن أم إياس بنت عمرو بن سبرة أنها سألت عائشة - رضي الله عنها - فقالت: إن أهلي ينتبذون لي في جرٍ غدوة فأشربه عشية، وينتبذون لي عشية فأشربه غدوة، فقالت: حلوه وحامضه حرام (¬2).
وفي رواية عن عبد الله بن الأحمر العبدي عن امرأة منهم، فذكره (¬3)، وقال ابن عبد البر: آثار أهل الحجاز في تحريم المسكر أصح مخرجًا وأكثر تواترًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأكثر أصحابه (¬4).
وقال النسائي: أول من أحل المسكر إبراهيم، قال ابن عبد البر: يصحح هذا قول ابن سيرين: لقيت بخباء أصحاب ابن مسعود علقمة وشريحًا ومسروقًا وعبيدة، فلم أرهم يشربون نبيذًا بجرٍ فلا أدري أين غاص هؤلاء على هذا الحديث (¬5)؟
قلت: وقول ابن أبي عاصم: خالد بن سعد مجهول، لم يرو عنه غير منصور؛ ليس كما ذكر، فقد روى عنه إبراهيم النخعي وأبو حصين
¬__________
(¬1) "الأشربة" ص 67 (151).
(¬2) المصدر السابق ص 38 (31). وقع في المطبوع منه: الحسن بن نافع.
(¬3) "الأشربة" ص 44 (51).
(¬4) انظر: "الاستذكار" 24/ 307.
(¬5) المصدر السابق.