كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة
وعن يحيى بن كثير قال: (إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق آخر) .
وبما سبق لنا من أقوال العلماء يتبين لنا أن المجالسة لأهل البدع تختلف عن دعوتهم إلى الخير وبيان الحق لهم، ومناظرتهم لإبطال شبههم؛ لأن هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أصل من أصول الدعوة إلى الله أمر الله به في كتابه فقال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم موجها أمرًا عامّا لكل المسلمين كل بحسب طاقته: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
فإذا جاء النهي من العلماء عن مجالسة أهل البدع، فليس معناه أن العالم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا يدعو هؤلاء إلى الخير ولا يناظرهم، ولا يقرب مجالسهم لهذا الغرض، وإنما مقصود العلماء الخوف على من لا يستطيع أن يدفع شبههم عن نفسه فتؤثر في قبله، كما سبق ذكر قول أبي قلابة.
الصفحة 18
47