كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة
حكمه في الشرع، فقال: "وأصل ذلك: أن المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والإجماع، يقال: هي كفر، قولاً يطلق، كما دل على ذلك الدلائل الشرعية، فإن الإيمان من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم"، ثم قال: "ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه"، ثم مثل لذلك فقال: "مثل من قال: إن الخمر والربا حلال لقرب عهده بالإسلام، أو لنشوئه في بادية بعيدة 1.
وقد بسط القول في قضية الحكم على المبتدع، وبيّن أنه لا بد من إقامة الحجة عليه، وإزالة الشبهة عنه، ثم ذكر بدعة القول بخلق القرآن، وذكر ما جرى للإمام أحمد بن حنبل مع المأمون والمعتصم، وأنه عذرهما لوجود الشبهة عندهما وأن الإمام أحمد دعا لهما، ولو كان يعتقد كفرهما لما دعا لهما2.
ويقول الشيخ حافظ الحكمي في كتابه معارج القبول: "2/503 504": "ثم البدع بحسب إخلالها بالدين قسمان: مكفرة لمنتحلها، وغير مكفرة.
فضابط البدعة المكفرة: من أنكر أمرًا مجمعًا عليه، متواترًا من الشرع، معلوما من الدين بالضرورة، من جحود مفروض، أو فرض ما لم يفرض، أو إحلال محرم، أو تحريم حلال، أو اعتقاد ما ينزه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكتابه عنه.
والبدعة غير المكفرة: هي ما لم يلزم منه تكذيب بالكتاب، ولا بشيء من مما أرسل به رسله.
ثم مثل لذلك فقال: "مثل بدع المروانية أي: بدع حكام الدولة من بني مروان التي أنكرها عليهم فضلاء الصحابة، ولم يقروهم عليها، ومع ذلك لم يكفروهم بشيء منها، ولم ينزعوا يدًا من بيعتهم لأجلها، كتأخير بعض الصلوات عن وقتها، وتقديمهم الخطبة قبل صلاة العيد.".
__________
1الفتاوى، 3/354.
الفتاوى، 10/329.
2 الفتاوى، 12/466 وما بعدها ويحسن بطالب العلم مراجعتها.
الصفحة 23
47