كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة

في الدين، وإنما أنا قاسم ويعطى الله، ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة، أو حتى يأتي أمر الله"1اه، وكذلك ما جاء في حدبث حذيفة بن اليمان رضى الله عنه, الذي جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم لحذيفة عند افتراق الأمة إلى تلك الفرق: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"، والذى سنورد نصه فيما بعد، ولهذا فسيكون حديثنا عن افتراق الأمة إلى تلك الفرق التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم, والتي افترقت في الأهواء، بحيث ابتدعت كل فرقة في دين الله مالم يأذن به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، من الاعتقادات الفاسدة، والأقوال الباطلة، ووضعت لها مناهج بعقولها، تخالف المنهج الذى سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين ساروا على منهجه، ثم دعت الناس من خلال تلك المناهج إلى العقائد الفاسدة، وجعلتها هي معقد الولاء والبراء، فمن وافقهم على تلك المناهج واعتقد تلك العقائد قبلوه وتولّوه وأكرموه، ومن خالفهم بدَّعوه وفسّقوه وتبرءوا منه، وإذا كانت السلطة لهم والحكام في طاعتهم أغروهم به، فحبسوه وضربوه وربما قتلوه.
وبيان سبب كثرة هذه الفرق وتشعّب أفكارها.
وسأذكر لك أيها القارىء فيما يلي نماذج من مناهج هذه الفرق، كما ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، ثم أعقد بعد ذلك مقارنة بسيطة بين تلك المناهج ومعاملة أصحابها لأهل السنة والجماعة الفرقة الناجية السائرة على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما في الحديث السابق، وبين مناهج الجماعات والأحزاب المعاصرة، ومعاملتهم فيما بينهم، ولمن يخالفهم في مناهجهم، ليتضح من خلال المقارنة: هل يوجد فرق بين هذه الجماعات المعاصرة، والفرق السابقة في حقيقة الأمر، أو أن الفرق إنما هو في الأسماء فقط، وذلك من غير ذكر لأسماء الأشخاص؛ لأن الغرض إنما هو التنَّبيه
__________
1 البخاري، الاعتصام، فتح الباري 13/293 ح7312.

الصفحة 26