كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة
على الأخطاء لتجتنب، كما في هديه صلى الله عليه وسلم حينما ينبه على خطأ حدث من أشخاص، حيث يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، من غير ذكر لأسمائهم، ثم أذكر بعد ذلك منهج الطائفة أو الفرقة الناجة، كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم أبين ما علق بأذهان كثير من الشباب من إيحاء من بعض الدعاة من أن هذه الطائفة والمنتسبين إليها هم حزب من الأحزاب كغيرهم.
وهل لهذه الطائفة التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفرقة الناجية وجود في الوقت الحاضر، وهل هو محصورة في بلد معين؟، وهل لها إمام يقودها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟، أو أننا الآن في الزمن الذى أشار إليه حديث حذيفة بن اليمان الذى سيأتي نصه، فنضطر إلى أن يَعَضَّ كل واحد منا على أصل شجرة حتى يأتيه الموت وهو على ذلك؟.
فنقول: إن ما حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم أمّته قد حدث؛ فظهر الاختلاف كما أخبر صلى الله عليه وسلم, فافترقت أمته إلى فرق، يكفر بعضها بعضا، أو يفسقه، أو يبدعه، وقد بدأ خط الانحراف من حين ظهور عبد الله بن سبأ اليهودي الحميري، الذي ادّعى الإسلام نفاقا، ودسّ أفكاره الملحدة في هذه الأمة فقبل تلك الأفكار البعيدة عن تعاليم الإسلام رُعَاعٌ من الناس أدّت إلى قتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ومن أفكاره الفاسدة: دعواه الوصية لعلي بن أبى طالب رضى الله عنه, ودعوى أن الصحابة خالفوا تلك الوصية، ثم حكم على جميع الصحابة بزعمه هذا أنهم خالفوا وصية رسول صلى الله عليه وسلم, فكفرهم جميعا إلا ثلاثة.
وقد بين العلماء زيفه وكذبه وإلحاده وزندقته، وأنه لم تكن هناك وصية، لا لعلي رضي الله عنه ولا لغيره، بكلام عليّ نفسه، لامجال لتفصيل ذلك هنا.
ولكن كثرت الفرق بعد ذلك وانتشرت أفكارها، وسبب ذلك ما ذكره المقريزي وغيره، قال الصفدي: "طلب المأمون من بعض ملوك النصارى، قال أظنه صاحب جزيرة قبرص، طلب منه خزانة كتب اليونان، وكانت عندهم مجموعة في بيت لا يظهر عليها أحد، فجمع الملك
الصفحة 27
47