كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة

كفروهم؛ وذلك لجهلهم، كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم من أتباع عبد الله بن سبأ الذين خرجوا على عثمان بن عفان رضي الله عنه وقتلوه ظلمًا وعدوانا.
ثم الجهميه أتباع الجهم بن صفوان: وقد أصّلت الجهمية أصلاً وهو: أن الله عز وجل لا يتكلم، ولا يكلم أحدًا، ولا يرى بالأبصار في الآخرة، ولا هو مستو فوق عرشه مباين لخلقه، ولا له صفة تقوم به وبناء على ذلك ردوا أو أوّلوا كل ما جاء في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يخالف ذلك الأصل.
وأصّلت المعتزله: القول بنفوذ الوعيد، وأن من دخل النار لايخرج منها ونفوا الصفات، وقالوا بخلق القرآن.
ومثلهم: الكلابية، والأشعرية، والمرجئة، وكل الطوائف سكلت مسلك التأويل في أسماء الله وصفاته ترد النصوص إلى العقل، فما قبلته عقولهم أمضوه وما لم تقبله عقولهم ردوه.
والعقل ليس معيارًا لأن ترد النصوص الشرعيه من الكتاب والسنة إليه، لأن العقول كثيرة، فما قبله عقل الجهمي لا يقبله عقل الرافضي والمعتزلي، وهكذا.
وجعلوا الولاء والبراء على تلك الأصول والقواعد التي أصلوها بعقولهم، فمن وافقهم عليها قبلوه وتولوه ووظفوه وأكرموه، ومن خالفهم كفروه وعادوه وحبسوه وضربوه، وربما قتلوه، ولم يقبلوا له شهادة، ولم يفكوه من يد عدو".
يقول ابن تيمية وهو يتحدث في بيان مسألة التكفير، فيذكر معاملة الإمام أحمد بن حنبل للمعتزلة، ومعاملتهم لمن يخالفهم في عقيدتهم الباطلة التي طبقوا الموالاة والمعاداة عليها، والتي سنوازن بينها وبين مناهج المعاصرين من الجماعات التي توجد في الساحة، لنتبين إن وجد فرق بينها، أو أن الفرق في الأسماء فقط.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 12/488: "فإن الإمام أحمد مثلاً قد باشر الجهمية، الذين دعوه إلى خلق القرآن، ونفي الصفات، وامتحنوه وسائر علماء وقته، وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقوهم على التجهم بالضرب والحبس والقتل والعزل عن الولايات، وقطع الأرزاق، ورد

الصفحة 29