كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة

مناهج الجماعات المعاصرة
إن الأمة الإسلامية أمة واحدة كما قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} 1.
وسبيلها وطريقها واحد كما قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُو} 2.
وإننا نرى في الساحة الإسلامية جماعات وأحزابا معاصرة متعددة، كل جماعة جعلت لنفسها اسما، وخطت لها منهجا تدعو عن طريقه وفي حدود معالمه إلى الإسلام.
وفي الوقت نفسه تجد هذه الجماعات والأحزاب متفرقة متخاصمة، تفرق وتخاصم تلك الجماعات والطوائف السابقة.
ثم إن هذه الجماعات والأحزاب توالي وتعادي في نطاق ذلك المنهج الذي رسمته لأتباعها، وتلزم المنتمي إليها، بعدم الخروج على منهجها فهو محجور عليه، فلا يأخذ ولا يعطي إلا في حدوده المرسومة، وتحت شعاره؛ لأنه في نظر زعمائها ومنظّريها أن الإسلام وجميع تعاليمه محصورة في هذا المنهج.
وقد نتج عن ذلك الأفق الضيق البعيد عن منهج الطائفة الناجية المنصورة بدع كثيرة ممقوتة، نذكر بعضا منها:
1- التعصب الحزبي للأفكار أو الأشخاص أو الشيوخ، الذي جاءت تعاليم الإسلام للقضاء عليه، فليس في الإسلام تعصب لحزب أو قبيلة أو بلد، وإنما ذلك من أعمال الجاهلية، فقد جعلت هذه الجماعات أو الأحزاب الولاء والبراء هو الانتساب إليها، وعلى ذلك فإن المنتمي للحزب أو الجماعة يبجّل ويعظَّم ويرفع شأنه، فالمؤهل لذلك كله هو الانتماء لا العلم والتقوى، ونتج عن ذلك أن المخالف لهذه الجماعة ومنهجها غير المنزّل وإن كان على حق، فيحط من قدره، ويشاع عنه بأنه ضيّق الأفق، قاصر الثقافة، لا يعرف
__________
1 سورة الأنبياء، الآية: 92.
2 سورة الأنعام، الآية: 153.

الصفحة 31