كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة
منهج الفرقة الناجية هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
فأما ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو: التمسك بكل ماجاء في كتاب الله الكريم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والتمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبينة والمفسرة لكتاب الله عز وجل, فإنها الوحي الثاني كما قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} 1 وقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} 2.
فهم ساروا على الإيمان بالله إلها معبودًا لا إله غيره ولا رب سواه، فصرفوا جميع أنواع العبادة من الاعتقادات، والأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة إليه وحده، والإيمان بأسمائه وصفاته، كما وصف الله نفسه في كتابه، ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الصحيحة، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل، بل إثبات تلك الصفات لله على أساس قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 3، والحكم بما أنزل الله عز وجل في كتابه، وما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته كما قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} 4، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 5, وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} 6، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على أساس هاتين الآيتين: العلم أولاً، والحكمة ثانيا.
والدعوة على هذا المنهج تعم المسلمين جميعا كل بقدر استطاعته وفي محيطه الذي يخصه، لايكلف الله نفسا إلا وسعها، قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح
__________
1 سورة النحل، الآية: 44.
2 سورة النجم، الآيتان: 3 -4.
3 سورة الشورى، الآية: 11.
4 سورة النساء، الآية: 65.
5 سورة يوسف، الآية: 108.
6 سورة النحل، الآية: 125.
الصفحة 34
47