كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة

مسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" 1.
فالتغيير باليد لصاحب السلطان، واللسان لكل مسلم، فإن لم يستطع حتى بلسانه، فيلزمه كراهة هذا المنكر بقلبه، والجهاد في سبيل الله لنشر هذا الدين، وإنقاذ العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وهكذا في جميع تعاليم هذا الدين في المعاملات والأخلاق الحميدة.
فالمؤمنون رحماء بينهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
فأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، وهكذا كان أصحابه، فالولاء والبراء على الكتاب والسنة.
هذا منهج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا سلكت الطائفة الناجية، حينما افترقت هذه الأمة إلى تلك الفرق التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو ما جاء في حديث العرباض بن سارية حيث قال صلى الله عليه وسلم: "وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرًا"، ثم أمر الأمة عند ظهور هذا الاختلاف، أن يتمسكوا بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وأن يعضوا عليها بالنواجذ، ثم حذرهم من البدع ومحدثات الأمور، وبين أن كل بدعة ضلالة.
وأما مكان وجود هذه الطائفة، وهل لها إمام يقودها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟.
فالجواب: إن الطائفة السائرة على المنهج التي سبقت الإشارة إليه موجودة في الدنيا كلها فلا يحصرها بلد دون آخر.
ولاستكمال الجانب الثاني من السؤال وهو: هل لها إمام يقودها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟. فإننا نورد حديث حذيفة بن اليمان الذي أشرنا له سابقا، وبعد إيراده سنجد الجواب.
فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب المناقب علامات النبوة،
__________
1 مسلم، الإيمان 12/69 ح78.

الصفحة 35