كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة

السلف وأتباعهم ليسوا حزبا
فالطائفة الناجية التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفها بأنها التي تكون على ما كان عليه هو وأصحابه هم السلف الصالح، ثم السائرون على منهجهم، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 1.
فهذه الطائفة بهذا المنهج موجودة في الدنيا كلها في كل زمان ومكان، فلا يحصرها بلد دون بلد، ولا مكان دون آخر، وهم جماعة المسلمين السائرون على الحق والهدى، وقد يكون لهم إمام يقودهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد لا يكون لهم إمام في بعض الأحوال وعند ظهور الفتن، كما في حديث حذيفة.
ولكن بحمد الله إن هذه الجماعة موجودة بالمنهج والإمام الذي يقودها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه البلاد - كما سنذكر ذلك بعد نقل كلام الإمام إسماعيل بن محمد الأصبهاني الملقب بقوام السنة -، ليتضح لنا أن جماعة المسلمين الواحدة السائرة على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، - وهم السلف وأتباعهم - أهل منهج وليسوا حزبا كما نسمعه من بعض من لم ينظر في منهجهم وطريقتهم.
وإذا وجد أن شخصا انتسب إلى منهج السلف، ثم ارتكتب خطأ وهم ليسو بمعصومين، فإن خطأه يُحسب عليه لا على المنهج، ولا يُنفر الناس من الحق، لاسيما الشباب، فتنفيرهم من جماعة السلف أو منهج السلف جناية عظيمة على الأمة الإسلامية إذ يقطع حاضرها عن ماضيها، وهي دعوة يروج لها أعداء الإسلام، ويأخذ بإيحاءاتها من لا يفكر في عواقبها وما تؤول إليه في نتائجها.
وقد ألقيت نظرة سريعة على صفحات من شرح الطحاوية فوجدته كرر كلمة السلف أكثر من عشرين مرة، مما يدل على اعتزازه بهذه النسبة؛ لأن من مميزات منهجهم: الثبات على الحق والاستمرار عليه، وعدم التقلب والتذبذب، واتفاقهم على أمور العقيدة، وعدم اختلافهم فيها مع اختلاف الزمان والمكان، بخلاف الطوائف الأخرى التي وضعت مناهجها بعقولها.
__________
1 سورة التوبة، الآية: 100.

الصفحة 37