كتاب البدعة ضوابطها وأثرها السيء في الأمة

يقول الإمام الأصبهاني قوام السنة: (ومما يدل على أن أهل الحديث هم أهل الحق، أنك لو طالعت كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم قديمهم وحديثهم، مع اختلاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار وسكون كل واحد منهم قطرًا من الأقطار وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة ونمط واحد، يجرون على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، وقولهم في ذلك واحد، ونقلهم واحد، لا ترى فيهم اختلافا ولا تفرقا في شيء ما وإن قل) الخ.
قلت: ومما يدل على صدق قوله كتب هؤلاء الأئمة: الإمام أحمد بن حنبل والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة وابن قتيبة وابن مندة واللالكائي وغيرهم، مع اختلاف أزمانهم وأقطارهم؛ تجد كلامهم واحد.
وأما كون هذه الجماعة موجودة بمنهجها وإمامها فهي موجودة بحمد الله في هذه البلاد إن شاء الله، فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري ومسلم: "أن الإيمان ليأرز إلى المدينة، كما تأرز الحية إلى جحرها"، وفي رواية مسلم: "وهو يأرز بين المسجدين كما تأرزالحية إلى جحرها" 1.
فأنا أذكّر النّاسي وأنبه الغافل:
1 ـ أن المنهج في هذه البلاد قائم على أصالة التوحيد، ونبذ البدع والخرافات والتأويل، وعلى دراسة العلوم الشرعية بجميع فروعها، بدءًا بمناهج المراحل الابتدائية، وانتهاء بمناهج الجامعات والدراسات العليا التخصصية مثل قسم العقيدة، وقسم السنة، وقسم التفسير، وقسم الفقه، وقسم الأصول، وجميع التخصصات الشرعية وما يخدمها إضافة إلى العلوم العصرية التي يحتاجها المجتمع، غير المتعارضة مع الشريعة الإسلامية، بل في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التي أنشئت لأبناء العالم الإسلام جميعًا، وبها أكثر من مائة جنسية، بها كليات متخصصة في هذه الجوانب، مثل: كلية القرآن وعلومه، كلية الحديث وعلومه، كلية أصول الدين، كلية الشريعة،
__________
1 البخاري ـ فضائل المدينة، فتح الباري 4/93 ح 1876.ومسلم ـ الإيمان 1/130 ح232، 233.

الصفحة 38