كتاب المنهج المقترح لفهم المصطلح
علوم السنة، مبينا سبب تأليفه لكتابه (معرفة أنواع علم الحديث) ، حيث قال في مقدمته: ((ولقد كان شأن الحديث فيما مضى عظيماً، عظيمة جموع طلبته، رفيعة مقادير حفاظه وحملته. وكانت علومه بحياتهم حيةً، وأفنان فنونه ببقائهم غضةًً، ومغانيه بأهله آهلةً. فلم يزالوا في انقراض، ولم يزل في اندراس، حتى آضت به الحال: على أن صار أهله إنما هم شرذمة قليلة العدد ضعيفة العدد. لا تغني على الأغلب في تحمله بأكثر من سماعه غفلاً، ولا تتعنى في تقييده بأكثر من كتابته عطلاً، مطر حين علومه التي بها جل قدره، مباعدين معارفه التي بها فخم أمره. فحين كاد الباحث عن مشكله لا يلفي له كاشفاً، والسائل عن علمه لا يلقى به عارفاً، من الله الكريم تبارك وتعالى وله الحمد أجمع بكتاب (معرفة أنواع علم الحديث)
هذا ... )) (¬1) .
أما تأثير العلوم العقلية على علوم السنة، فإضافةً إلى أن ابن الصلاح قد نقل بعض ذلك الأثر عن الخطيب البغدادي، فإن ابن الصلاح فوق ذلك جاء بعد الخطيب بما يقارب القرنين من الزمان، فالأثر ازاداد في عصره عن عصر الخطيب، والمرء ابن زمانه، فلا بد أن يزداد الأثر على ابن الصلاح أيضاً.
ولئن كان لابن الصلاح تلك الفتوى القوية في ذم علم المنطق والحط منه (¬2) ، فإنه من جهةٍ أخرى اصولي متبحر فيه معدود في (طبقات الأصوليين) (¬3) .
يقول محقق كتاب ابن الصلاح، الدكتور نور الدين عتر في مقدمة تحقيقه: ((فأكب ابن الصلاح على هذه الذخائر يفحصها
¬_________
(¬1) علوم الحديث لابن الصلاح (5- 6) .
(¬2) انظر (ص 160- 161) .
(¬3) الفتح المبين في طبقات الأصوليين للمراغي (2/63- 64) .
الصفحة 213
310