كتاب المنهج المقترح لفهم المصطلح

أما الجفاء عن فهم شرح أهل الاصطلاح لاصطلاحهم، فله وجوه متعددة، منها: تسليط فهوم المتأخرين من المحدثين والأصوليين للمصطلح على شرح أهله له!! وعندها يؤول شرح أهل الاصطلاح على غير ظاهره، ويبتسر نقله وفهمه، ويفصل عن دلالة سياقه: سباقة ولحاقة؛ كل ذلك من أجل أن يوافق كلام المتأخرين من المصنفين في علوم الحديث أو غيرهم من الفقهاء والأصوليين. مع أن الواجب عكس ذلك، والسير على ضد
هذا المنهج، بتأويل كلام غير أهل الاصطلاح ـ ما أمكن ـ ليوافق كلام أهله، وإلا رفض كلام أولئك الذين عم ليسوا من أهل الاصطلاح لمناقضته كلام أهله!!
ومن وجوه الجفاء في ذلك أيضاً: (فكرة تطوير المصطلحات) ، بعدم الرضى عن مدلول المصطلح المشروح بكلام أهله، لسعة ذلك المدلول، وتداخله مع مدلول مصطلح آخر. فيقود ذلك الشعور بعدم الرضى إلى المشاحة في الاصطلاح، السابق بيان أخطارها (¬1) .
وعلى كل حال، فإن الخطأ في فهم كلام أهل الاصطلاح، لا بد أن يجتمع في أسبابه غلو وجفاء، وأحدهما قائد للآخر لا محالة!!
فربما اجتمع عند المتأخرين من التعصب المذهبي ما يقودهم إلى الغلو في فهم كلام إمامهم ن وهذا الغلو يتجه في النهاية نحو الجفاء عنه ليوافق كلامه ما ظنه ذلك المتعصب صواباً من كلام غيره من الأصوليين والمتأثرين بهم من المحدثين.
ومثال ذلك: ميل أتباع الإمام الشافعي إلى نصرة أقواله،
¬_________
(¬1) انظر (ص 176- 178) .

الصفحة 261