كتاب المنهج المقترح لفهم المصطلح

ذلك الميل الذي تحول مع مرور الزمان تعصباً. وضربت مثلاً بالشافعية، لأن (اسعد الناس بالحديث الشافعية) ، وغالب مصنفات علوم الحديث ومصطلحه لأئمةٍ شافعية: من الحاكم، إلى الخطيب، على ابن الصلاح، إلى النووي، إلى العراقي، على ابن حجر، إلى السخاوي، إلى السيوطي، وقبلهم وبعدهم، كل هؤلاء شافعية!
والمثال الواقعي للغلو والجفاء في فهم الشافعية لكلام الإمام الشافعي في مصطلح الحديث: كلامه في مصطلح (الشاذ) ، السابق ذكره. وتفصيل هذا المثال فيه طول، أرجو أن تكون فيه فائدة، ولذلك سأطيل في تفصيله!
قال الإمام الحاكم (الشافعي المذهب) في (معرفة علوم الحديث) : ((هذا النوع منه: معرفة (الشاذ) من الروايات. وهو غير (المعلول) ، فإن المعلول ما يوقف على علته: أنه دخل حديث في حديث، أو وهم فيه راوٍ أو أرسله واحد فوصله واهم. فأما الشاذ، فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث اصل متابع لذلك الثقة. سمعت أبا بكر أحمد بن محمد المتكلم الأشقر.. ـ فأسند إلى الشافعي أنه قال: ـ ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره، هذا ليس بشاذ، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف فيه الناس، هذا الشاذ من الحديث)) (¬1)
ـ ثم ذكر الحاكم بعد ذلك ثلاثة أمثلة للشاذ عنده.
وعبارة الإمام الشافعي هذه جاءت عنه بألفاظٍ أخرى أكثر وضوحاً، فقال في بعضها: ((ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثاً لم يروه غيره، إنما الشاذ من الحديث: أن يروي
¬_________
(¬1) معرفة علوم الحديث للحاكم (119) .

الصفحة 262