كتاب المنهج المقترح لفهم المصطلح

الأول: أن الحاكم ذكر أن المتفرد بالشاذ ثقة، وأما الخليلي فالشاذ عنده ما تفرد به ثقة أو غير ثقة. وهذا إنما ظنناه اختلافاً بين الحاكم والخليلي (¬1) بتسليط معايير الحدود المنطقية على كلام الحاكم، باعتبار أن ما ذكره من شرحه للشاذ تعريفاً جامعاً منعاً. لكن لو عاملناه على غير ذلك، وأخذنا بمنطوقه دون مفهومه، لعرفنا أن الحاكم إنما ذكر أدق نوعي الشاذ، وأشدهما خفاءً، وأحوجهما إلى البيان.
والدليل القاطع بأن الحاكم لا يعارض في تسمية تفرد غير الثقة بالشاذ، هو تصرفه وتطبيقه. ففي (المستدرك) أخرج حديثاً من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي الكوفي (ت 218هـ) ، وهو كذاب (¬2) ، يرويه هذا من طريق جميع بن عمير التيمي الكوفي وهو مختلف فيه (¬3) ، قال عنه الحافظ في (التقريب) : ((صدوق يخطىء ويتشيع)) (¬4) . ثم قال الحاكم عقب هذا الإسناد: ((هذا حديث شاذ، والحمل فيه على جميع بن عمير، وبعده إسحاق بن بشر)) (¬5) . فتعقبه الذهبي بقوله في (تلخيص المستدرك) : ((فلم يورد الموضوع هنا؟!!)) (¬6) .
فهذا تصرف قاطع على أن الحاكم يسمي تفرد غير الثقة شاذاً، كما يسميه به الخليلي أيضاً.
¬_________
(¬1) انظ علوم الحديث لابن الصلاح (76- 77) ، والنكت لابن حجر (2/652- 653) ، وفتح المغيث للسخاوي (1/231- 232) ، وتدريب الراوي للسيوطي (1/205) .
(¬2) انظر لسان الميزان لابن حجر (1/ 355- 358) .
(¬3) انظر تهذيب التهذيب لابن حجر (2/111- 112) .
(¬4) التقريب (رقم967) .
(¬5) المستدرك للحاكم (3/ 5) .
(¬6) تلخيص المستدرك للذهبي: في حاشية المستدرك، الموضوع السابق.

الصفحة 264