كتاب المنهج المقترح لفهم المصطلح

عن (الشاذ) يدل على علمه به، ويشير إلى إطلاق المحدثين له على هذا المعنى، وأن الشافعي كان يعرف ذلك، ولعله كان يستخدمه على المعنى نفسه أيضاً‍لكنه أراد أن يبين أن الانفراد ليس سبباً للراد مطلقاً، كما يويحي به وصفه بـ (الشذوذ) ، وأن يبين أيضاً أن الشاذ لغةً على الحقيقة، والأولى بهذا الوصف، هو (مخالفة الثقة لمن هو أولى منه) .
وأنا أعلم أن من تمذهب بإلفه العلمي، سوف يعبر هذا التفسير لكلام الإمام الشافعي: تمحلاً في الفهم، وتعسفاً في التفسير. ولو أنه أنصف، ونظر النظر المجرد عما ألفه، وتذكر أن أفمام الشافعي من أهل القرن الهجري الثاني، ومن أهل المراحل المتقدمة لنشأة علوم الحديث ومصلحه، وأنه كان يخاطب أهل عصره، بعملهم وفهمهم واصطلاحهم، وأنه لم يكن يخطر على باله الاحتجاج الملح عندنا لشرح مصطلحاتهم؛ من تذكر ذلك كله= علم أن تفسيري لكلام الإمام الشافعي، بأنه أراد بالشذوذ في كلامه المعنى اللغوي له، ليس فيه تمحل ولا تعسف‍
وأنا لا أجزم بأن هذا هو معنى كلام الإمام الشافعي، لكني أورد إلى كلامه هذا المعنى ن على أنه احتمال آخر في فهمه. والجزم بمعنى كلامه، إنما يكون باستقراء مصطلحه التطبيقي، ومصطلح أهل عصره، وأهل الحجاز منهم خاصةً لكلمة الخليلي في نسبة تفسير الشافعي للشاذ إلى أهل الحجاز أيضاً.
وما دمنا نتحدث عن كلام أهل الاصطلاح عن (الشاذ) ، والفهوم الجائزة لكالمهم؛ فهذا الإمام أبو بكر أحمد بن محمد بن هانىء الأثرم (ت 273هـ) ، لما ذكر (الشاذ) في كلامه. حمل على أنه يريد به (مخالفة الراوي لمن هو أولى منه) ، مع أن كلامه يدل بظاهره على غير ذلك المعنى‍

الصفحة 273