الحسن الأشعري (علي بن إسماعيل، المولود سنة 260هـ والمتوفي سنة 324هـ) رجوعه عن مذهب الاعتزال، وألف وناظر وجادل في نقضه، وقد كان رأساً في الاعتزال نحو أربعين سنة (¬1)
ولئن كان أبو الحسن الأشعري أعلن رجوعه إلى عقيدة السلف، وأنه يتخذ من الإمام أحمد بن حنبل إماماً في باب العقيدة (¬2) ؛ إلا أن نزعته إلى تقرير ذلك بعلم الكلام، لنشأته الفلسفية المغرقة، جعلته يخالف السلف في مسائل كثيرة، كما أنه وافقهم في مسائل كثيرة أيضاً ورد على المعتزلة فيها (¬3) .
فهو قد توسط بين مذهب السلف والاعتزال (¬4) ، كما كان قد توسط بينهما ابن كلاب أيضاً. بل إن أبا الحسن الأشعري معدود في أصحاب مذهب ابن كلاب (¬5) ، وهو على طريقتهم ولا شك.
وعلى هذا المنهج نفسه الذي سار عليه الأشعري، وفي الوقت ذاته تقريباً أيضاً، ظهر مؤسس الماتريدية: أبو منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمر قندي (ت 333هـ) . وهو داخل في الكلابية أيضاً، وعلى منهجها في محاولة التوسط بين السلف والمعتزلة، باعتماد علم الكلام (¬6) .
¬_________
(¬1) تبيين كذب المفتري لابن عساكر (38 - 45) .
(¬2) الإبانة لأبي الحسن الأشعري (ص 17) .
(¬3) انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (5 / 556) (12 / 366 -367) .
(¬4) مقدمة ابن خلدون (464 - 465) .
(¬5) انظر الملل والنحل للشهر ستاني (39 ـ 40) ، والتعليقة قبل السابقة.
(¬6) انظر املاتريدية دراسة وتقويماً لأحمد بن عوض الحربي (492 ـ 493) .