كتاب أسباب النزول ت زغلول

الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بن عثمان، حدَّثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنْتُ آتِي الْيَهُودَ عِنْدَ دِرَاسَتِهِمُ التَّوْرَاةَ، فَأَعْجَبُ مِنْ مُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ التَّوْرَاةَ، وَمُوَافَقَةُ التَّوْرَاةِ الْقُرْآنَ. فَقَالُوا: يَا عُمَرُ مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْكَ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالُوا: لِأَنَّكَ تَأْتِينَا وَتَغْشَانَا، قُلْتُ: إِنَّمَا أَجِيءُ لِأَعْجَبَ مِنْ تَصْدِيقِ كِتَابِ اللَّهِ بَعْضِهِ بَعْضًا، وَمُوَافَقَةِ التَّوْرَاةِ الْقُرْآنَ، وَمُوَافِقَةِ الْقُرْآنِ التَّوْرَاةَ. فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَلْفَ ظَهْرِي، فَقَالُوا: هَذَا صَاحِبُكَ فَقُمْ إِلَيْهِ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ دَخَلَ خَوْخَةً مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِمْ فَقُلْتُ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابٍ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ سَيِّدُهُمْ: قَدْ نَشَدَكُمْ بِاللَّهِ فَأَخْبِرُوهُ. فَقَالُوا: أَنْتَ سَيِّدُنَا فَأَخْبِرْهُ.
فَقَالَ سَيِّدُهُمْ: إِنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: قُلْتُ: فَأَنْتَ أَهْلَكُهُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ لَمْ تَتَّبِعُوهُ. قَالُوا: إِنَّ لَنَا عَدُوًّا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَسِلْمًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. فَقُلْتُ: مَنْ عَدُوُّكُمْ؟ وَمَنْ سِلْمُكُمْ؟ قَالُوا: عَدُوُّنَا جِبْرِيلُ، وَهُوَ مَلَكُ الْفَظَاظَةِ وَالْغِلْظَةِ، وَالْآصَارِ وَالتَّشْدِيدِ. قُلْتُ: وَمَنْ سِلْمُكُمْ؟ قَالَ: مِيكَائِيلُ، وَهُوَ مَلَكُ الرَّأْفَةِ وَاللِّينِ وَالتَّيْسِيرِ. قُلْتُ: فَإِنِّي أَشْهَدُ مَا يَحِلُّ لِجِبْرِيلَ أَنْ يُعَادِيَ سِلْمَ مِيكَائِيلَ، وَمَا يَحِلُّ لِمِيكَائِيلَ أَنْ يُسَالِمَ عَدُوَّ جِبْرِيلَ، فَإِنَّهُمَا جَمِيعًا وَمَنْ مَعَهُمَا أَعْدَاءٌ لِمَنْ عَادُوا، وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمُوا. ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ الْخَوْخَةَ الَّتِي دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَقْبَلَنِي فَقَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَلَا أُقْرِئُكَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ قَبْلُ؟ قُلْتُ:
بَلَى. قَالَ: فَقَرَأَ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ الْآيَةَ حَتَّى بَلَغَ: وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ. قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا جِئْتُ إِلَّا أُخْبِرُكَ بِقَوْلِ الْيَهُودِ، فَإِذَا اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَدْ سَبَقَنِي بِالْخَبَرِ. قال عمر: فقد رَأَيْتُنِي أَشَدَّ فِي دِينِ اللَّهِ مِنْ حَجَرٍ.
«41» - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ حَبْرًا مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ مِنْ «فَدَكَ» يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ
__________
وأخرجه ابن أبي شيبة (14/ 285) .
وعزاه السيوطي في الدر (1/ 90) لابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وابن جرير وابن أبي حاتم.
(41) بدون إسناد. [.....]

الصفحة 33