كتاب أسباب النزول ت زغلول

مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن عمرو وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ. قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْهُ مِنْ شَيْءٍ، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا. فَأَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ فَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا حَتَّى بَلَغَ أَوْ أَخْطَأْنَا فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، إِلَى آخِرِ الْبَقَرَةِ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: قَدْ فَعَلْتُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ.
«189» - قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَنَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فَجَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، إِنَّ أَحَدَنَا لَيُحِدِّثُ نَفْسَهُ بِمَا لَا يُحِبُّ أَنْ يَثْبُتَ فِي قَلْبِهِ وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا، وَإِنَّا لَمَأْخُوَذُونَ بِمَا نُحَدِّثُ بِهِ أَنْفُسَنَا، هَلَكْنَا وَاللَّهِ. فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، فَقَالُوا: هَلَكْنَا وَكُلِّفْنَا مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا نُطِيقُ.
قَالَ: فَلَعَلَّكُمْ تَقُولُونَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، فَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَمَكَثُوا بِذَلِكَ حَوْلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْفَرَجَ وَالرَّاحَةَ بِقَوْلِهِ: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا الْآيَةَ فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَا قَبْلَهَا. قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ مَا لَمْ يَعْمَلُوا أَوْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ» .
__________
(189) انظر الحديث السابق.

الصفحة 98